جلاب الهوي من الفصل الاول حتي السابع بقلم رضوى جاويش

موقع أيام نيوز

البقاء لحظة و ما عاد لديه الشجاعة ليتطلع اليها فقد شعرانه فقد شيئا ما غاليا لا يدرك كنهه لكنه يستشعر ايضا انه لا يجد ضالته المفقودة تلك الا بقربها أي جنون هذا ! ما عاد يدرك 
فتحت الخالة وسيلة باب غرفتها ببطئ شديد حتى لا توقظها ظنا منها ان لازالت تغط في نوم عميق من جراء تلك العقاقير الطبية التي تتناولها لكنها كانت مستيقظة بالفعل تطالع احدى الروايات التي وجدتها على جانب فراشها موضوعة على تلك المنضدة التي تحوى تلك الاباجورة النحاسية و التي تشع نورا يجعل الغرفة أشبه بقصص الحكايا القديمة فينقلها بشكل كلى الى جو الرواية التي تطالعها 
لابد و انه هو من بعث بها الخالة وسيلة حتى اذا ما استيقظت تجد ما يشغل وقتها و هي لاتزل طريحة الفراش ابتسمت في ود مجرد ان مر ذاك الخاطر على مخيلتها انه يهتم بالفعل يهتم بها أسعدها ذلك سعادة مبهمة لا تعرف مصدرها لكنها سعيدة و هذا ما يهم هتفت ما ان طالعها رأس الخالة وسيلة المطل من فرجة الباب الضيقة تتأكد انها بخير تعالى يا خالة انا صاحية 
دخلت الخالة و سيلة مستبشرة و هي تهتف في سرور الف بركة جومتك بالسلامة خلعتينا عليك يا بتي حتى عفيف بيه اللى ما كان يتهز ولا الجبل كان ناجص يطول السما بيده اول ما جريت اجوله ألحجها ده ساج ف الفجر و طريج
الچبل واعر عشان يجيب لك داكتور مخصوص 
تضرجت وجنتيها بحمرة محببة ما ان سمعت تفاصيل الثلاث ليالى الماضية و ما فعله لأجلها 
هتفت بتعجب عجيب عفيف بيه يعمل ليه كل ده عشان واحدة اخوها مسبب له مصېبة ! ده انا قلت ممكن يسبنى اموت و اهو ينتقم من اللى حصل معاه بسبب اخويا ! 
هتفت الخالة وسيلة يسيبك تموتى كيف ! ده من اول ما وصلتى و اللى على لسانه دي أمانة عندينا يا خالة هي ملهاش ذنب يا خالة خلى بالك عليها شوفي كل طلباتها 
ثم تنهدت الخالة وسيلة مستطردة بعد صمت طال لثوان بالك يا بتي ما في حد يعرف عفيف بيه كدب المثل بيجول اللى ربى خير م اللي اشتري و هو رباية يدي حفظاه كيف ما واعية لكفي دي عفيف بيه لو شفتيه مع ناهد اخته و چلعه فيها مش هتصدجي انه عفيف اللى صوته بيهز الچبل اللي جصادنا على مدد شوفك ده سبحان الله عفيف مخدش من النعمانى الكبير غير شكله لكن طبعه كله طبع ابوه سيدى راغب الله يرحمه 
انتفضت دلال بعد ان كانت مأخوذة كالعادة بحديث الخالة وسيلة كلما تحدثت عن ماضي النعمانية و أسرارهم لكن تلك النقطة بالذات جذبت انتباهها لتهتف في استفسار قصدك ايه ان عفيف بيه شبه جده النعماني في الشكل ! يعنى نفس طوله و عرضه وكده ! 
اومأت الخالة وسيلة مؤكدة ايوه يا بتي هو بالمظبوط محدش من عيلة النعمانية كلها يشبه النعمانى الكبير كيف عفيف بيه كنهم فولة واتجسمت نصين نفس الطول و العرض و الهيبة و الصوت اللى يهز الچبل هز نفس الطلة اللى توجف چريان الډم ف العروج لكن الحنية والطبع اللين كني واعية لسيدى راغب ابوه بالمظبوط صدج من جال اللي خلف مامتش 
وأخيرا ادركت دلال من ذا الذى يزورها في أحلامها العجيبة عن تلك المرأة الحبلى التي تستنجد بها انه ليس عفيف بل جده لكم اراحها هذا الخاطر لا تعرف ما سبب تلك الراحة الداخلية التي غمرت روحها لذلك الاكتشاف لكن سمة سکينة عجيبة شملتها جعلتها تتنهد و كأن حمل ما كان يجثم على صدرها و أخيرا تخلصت منه 
و لكن عليها استغلال رغبة الخالة وسيلة في البوح و الحديث عن ماضى النعمانية لتسألها في فضول لازال مشټعلا منذ المرة السابقة التي قصت لها بعض من الحكاية و أغفلت بعض تفاصيلها لذا هتفت في لهفة لكن مقلتليش يا خالة 
تنبهت الخالة وسيلة بكامل وعيها لدلال و تطلعت اليها بعيونها الدائرية الصغيرة التي تشبه عيون العرائس البلاستيكية لولا انها تنبض بالحياة الخالصة و يشع منها بريق وثاب 
استطردت دلال بنفس النبرة الملهوفة ايه اللى خلى مرات النعماني الكبير اللى هي جدة عفيف بيه متسامحش جوزها طول مدة جوازهم و ټموت حتى قبل ما تسامحه على الرغم انك قلتيلي انه كان بيعشقها ! 
توترت الخالة وسيلة و همت بالنهوض محاولة تغيير الموضوع الا ان دلال كان فضولها أقوى من ان تترك المرأة تذهب لحال سبيلها دون ان تذكر كافة التفاصيل التي تريحها لذا هتفت بالخالة وسيلة مستعطفة قوليلى يا خالة مټخافيش الكلام ده مش هيطلع لحد هو انا بكلم مين يعنى هنا غيرك !! 
تنهدت المرأة العجوز و عادت لتجلس على طرف الفراش من جديد هامسة بتردد ليه هتخلينى انبش ف الجديم يا بتى ما راح لحاله مع صحابه الله يرحم المراحيم كلها 
هللت دلال بطفولية و هي تشعر ان الخالة وسيلة نفسها عندها رغبة كبيرة بالافضاء بتلك الأسرار التي تختزنها في جوف صدرها منذ سنوات بعيدة قولى بقى يا خالة عشان خاطرى 
اومأت العجوز برأسها و بدأت في سرد قصة الماضى البعيد هامسة بصوت يأتي من أعماق بعيدة بعد ذاك الزمن الذى تحكى عنه حتى انه جعل دلال ترتعش رغما عنها برهبة صلي ع النبى يا بتي 
أطاعت دلال في خشوع و تدثرت وهى تستشعر انها ستسمع حكاية من حكايا الماضي في تلك البلاد البعيدة التي يحكمها العرف و تقيدها العادة و يسوسها السادة و يخضع لملكهم صغيرها و كبيرها وبدأت الخالة في سرد حكايتها او بالأدق حكاية النعمانية 
يتبع٧ جلاب الهوى 
نامت الليلة الماضية و عيونها شاخصة على ذاك السقف المزكرش للغرفة و عيون خيالها تنقلها لحكايا الخالة وسيلة الأشبه بالأساطير 
تمطعت في فراشها في كسل و هي تشعر بدفء عجيب يسري في أوصالها وتنهدت لتتطلع حولها في سکينة عجيبة و خاصة و ذاك الغناء
المبهج يصلها من مكان ليس بالبعيد 
نفضت الغطاء عن جسدها و تلحفت بمئزرها و وضعت حجابها على شعرها المسدول على ظهرها 
فتحت النافذة لعلها تكتشف مصدر ذاك الغناء الأشبه بدعوة سحرية للاستماع و التمتع لكن ما طالعها من موضع وقوفها هو تلك الأرض الشاسعة مترامية الأطراف المبدورة بالأخضر حتى تصطدم بذاك الجبل الشامخ هناك في إباء كأنه شاهد على ما دار في تلك الأرض التي احتضنها منذ مئات السنين كأنها حبيبته التي ما من سبيل لافتراقه عنها لا تعرف لما خطرت على بالها قصة النعمانى الكبير و زوجه زهر الروض ياله من اسم لامرأة عانت من اجل قلبها الويلات ! 
جاء النعماني الكبير لتلك الأرض و هي صحراء جرداء تأبى الخروج عن طوع ذاك الجبل و ظلت لسنوات طويلة جزء منه تملك لونه و ملامحه الخشنة حتى قرر النعمانى بفأسه و ذراعيه تغيير تلك الحقيقة للأبد و استطاع الانتصار على الجبل ليستقطع تلك الأرض المحيطة منه و يحولها لجنة خضراء رغما عن انفه لتكون النعمانية نسبة اليه 
و يبدو ان هذا كان مبدأ النعمانى في حياته ليس فقط فيما
يخص الأرض و الزرع و لكن حتى في الحب 
رأها يوما مع تلك العائلات التي بدأت تفد للنعمانية ما ان بدأت بشاير الخير تهل هام بها عشقا و قرر ان تكون له مهما حدث لكن الرياح تأتى دوما بما لا تشتهيه السفن كانت الفتاة موعودة لابن عم لها كما هي العادة ذاك القريب الذي استطاع النعماني بما له من نفوذ الا يعجل في عودته من سفرته البعيدة و بالفعل ما عاد 
لتظل الفتاة على حالها لا يجرؤ احدهم على الاقتراب منها او طلب يدها للزواج السبب الأول معرفتهم بخطبتها المزعومة للغائب الغير مرجوة عودته و ثانيهما ما شاع ان النعماني يرغب فيها كزوجة جعل الكل يغض الطرف عنها كأنها غير موجودة فمن كان يمكنه معاداة النعماني او مخالفة امر من أوامره ! 
وكانت الفتاة تعلم كل هذا لكن ماذا تفعل بقلبها المعلق بابن عمها الذي نسجت معه أحلام الطفولة و الصبا ! و كيف يمكنها الټضحية بسلامته بعد ذاك الټهديد المبطن الذى ارسله لها النعماني اما الزواج به طواعية او مۏت بن العم في غربته والزواج به كنهاية حتمية للأمر ! و بالفعل قدمت نفسها قربانا لحماية الحبيب و رفيق الطفولة و حلم الشباب الضائع لتسقط في أحضان من چحيم ما ذاقت فيها الا اللوعة و الحسړة وعلى الرغم من انها سلبت لبه و كل من كان بالنعمانية يدرك هذه الحقيقة كادراكهم لطلوع الشمس يوميا من المشرق لكنه لم يستطع ان يجعلها تسامحه على فعلته لم يستطع ان يجعلها تحبه لم يستطع ان يغرز حبه في صحراء قلبها التي ما عاد ينبت فيها الا صبار الكراهية و حنظل القهر أنجبت أولاده جميعا عشقتهم پجنون لكنها لم تقدر ان تعشق ابيهم بالمثل لټموت وهى تلد طفلها الأخير في تلك الغرفة التي رأت فيها كابوسها الأول في ليلتها الأولى هنا في النعمانية و يظل النعماني بعدها لا يقرب امرأة يعيش على ذكراها و رغبة مچنونة ظلت عالقة بقلبه و مسيطرة على فكره انها حتما ستحبه يوما ما سيضمها و هي راضية ستضحك لمزاحه و تراعى غضبته و تدارى ضعفه و تحفظ هيبته و تكون له المرأة التي حلم بها منذ وعاها اول مرة و التي سړقت قلبه واستقرت بأعماق روحه لكن هيهات كلها كانت أمانى مستحيلة لشخص كان يرجو الحب بالسيف و القسۏة لا باللين والرحمة فما جنى سوى الألم و العذابات 
تنهدت و هي تستفيق من ذكريات الليلة الماضية على صوت الغناء مرة أخرى 
لا بديل عن الصعود للسطح لمعرفة مصدر الغناء و التمتع بمنظر اكثر وضوحا للنعمانية من ذاك الارتفاع 
حزمت امرها و خرجت تمشي بطول الردهة حتى مرت بجوار الغرفة التي شاهدت فيها حلمها غرفة الألم والقهر فتخطتها سريعا واندفعت باتجاه الدرج الجانبي الذي يفضى لباب خشبي سميك دفعته ليطالعها السطح الواسع والخالي تماما الا من بعض الأرائك الخشبية التي انتزعت اغطيتها حتى لا تتعرض للبلل بفعل الأمطار 
تطلعت حولها عندما وصلت لمنتصف السطح لتدرك ان هناك سور مشترك فاصل بين سطح المندرة الذي تقف عليه وسطح البيت الكبير الذي
تم نسخ الرابط