جلاب الهوي من الفصل الاول حتي السابع بقلم رضوى جاويش
المحتويات
و قد قال الحقيقة و أصاب كبدها بمجمل كلماته التي وصفت الحال التي هي عليها بالفعل
غير راغبة في البقاء ولا قدرة لديها على الرحيل
مدت يدها لتتناول المفتاح من كفه الممدودة و تلك النظرة الواثقة مازالت تكلل عينيه و التي جعلتها تود لو تحيد عنها ناظريها و لكنها ابت حتى لا يستشعر ضعفها
تمنت لو انه يكف عنها و خاصة لانها توترها و تدفعها لتشعر بمزيد من الغيظ و القهر
اما هي فقد أسندت ظهرها على الباب الذى أغلقته للتو وهي تلتقط أنفاسها في تسارع من شدة توترها فهى ستكون وحيدة في هذا المكان مع أناس لا تعرفهم و لا تدرك كيفية التعامل معهم تطلعت من جديد حولها لذاك البهو الواسع الأنيق رغم قدم الأثاث المستخدم الا انه لا يخل من ذوق و فخامة و طالعها ذاك الدرج في اخر الرواق لتدرك ان غرف النوم بالأعلى فلابد ان تلك المضيفة مقامة على نفس طراز الدار الأساسية الملحقة به
لم تكن تملك الترف في تلك اللحظة و قد وصل بها الإنهاك و التعب لمبلغ شديد ان تبحث في الغرف عن أجملها او أفضلها لذا فتحت اول الأبواب التي طالعتها و دخلت تتحسس الجدار حتى تجد زر الإضاءة الذى لمسته أخيرا لتسطع الغرفة لتدخل و تفتح النوافذ و تلك الشرفة الوحيدة بها ليطالعها منظرا جانبيا للحديقة الخلفية المحيطة بالدار وعلى مدد البصر لم تتبين الا بعض أعمدة الإنارة المتفرقة هنا و هناك لا تعرف كم ظلت تقف تتطلع الى الظلام و تخيلت مصابيح الإنارة البعيدة ترقص جعلها ذاك الخاطر ترتجف و هي تتخيلها رؤوس اشباح تطل على القرية الناعسة التي تعمها العتمة في تلك اللحظة مما جعلها تنتفض و تدخل إلي الغرفة مغلقة الشرفة بإحكام
لقد كانت ټموت ړعبا و هي وحيدة في شقتها عندما غادر اخوها لعمله هنا و كم ظلت مستيقظة الليل بطوله حتى اعتادت أخيرا على عدم وجوده و استطاعت التكيف مع شقتها ووحدتها فيها
الان كيف يمكنها التكيف على العيش و المبيت في مثل تلك المضيفة الواسعة وحيدة !
و همست و هي تحتضن جسدها بكفيها في محاولة لبث الطمأنينة داخلها لعلها تهدأ يا ترى انت فين يا نديم ! سؤال ما كان له اجابة تريح اوجاع روحها
دس صديق نديم مفتاح شقته بكفه و هما واقفين بالقرب من ناهد التي كانت تنتظره تحت ظل احدى الأشجار على مقربة منهما
هتف سمير باستحسان مكنتش اعرف ان ذوقك عالي كده طلعت
قاطعه نديم هاتفا پغضب حقيقي و هو يدفع بسمير مبتعدا عن مجال ناهد حتى لا يصلها صوتهما و هتف و هو يجز على اسنانه في غيظ انت فاكر ايه ! دى مراتى يا بنى آدم
ثم استطرد متصنعا الحزن و بعدين تعال هنا اتجوزت امتى و ازاى و انا معرفش و لا تعزمنى كأنى مش صاحبك !!
تنهد نديم في ضيق و الله الموضوع جه بسرعة يا سمير و فيه شوية أمور كده ملخبطة المهم انت هتحتاج الشقة امتى !!
صمت سمير للحظة مفكرا ثم هتف يعنى مش قبل أسبوعين انت عارف احنا شتا دلوقتى و الشقة ف إسكندرية ملهاش مطلب الا ف الصيف بس ربنا يهدي ابويا عشان ده من عشاق إسكندرية ف الشتا ربنا يجعل كلامنا خفيف عليه
ابتسم نديم و هو يدس المفتاح في جيب بنطاله هاتفا و هو يمد يده مودعا سمير متشكر يا سمير ربنا يقدرنى على رد جمايلك
هتف سمير موبخا جمايل ايه يا راجل ! هو في بين
الأخوات جمايل ياللاه روح لعروستك شكلها زهقت من الوقفة و الدنيا برد الصراحة
ألقى نديم نظرة عابرة على ناهد فتيقن من صدق سمير ليودعه و يلتفت متوجها اليها حاملا حقيبتهما
همس بصوت رتيب أسف اتاخرت عليك اتفضلي الشقة مفتاحها معايا ياللاه بينا
اومأت ناهد برأسها إيجابا و سارت خلفه دون ان تعقب بكلمة و كل ما برأسها هو اخوها عفيف كيف استقبل خبر هروبها بهذا الشكل ! و كيف تصرف حيال ذلك ! أغمضت عينيها ړعبا و هي تتخيل مجرد تخيل ما سيكون عليه حاله ما ان يعلم بالأمر فكيف سيكون حالها و هي تقف أمامه مذنبة و متسربلة في خطيئتها ما ان يجدهما فهل تراه يفعل و يعثر عليهما ! انتفضت عندما وصل بها الامر لهذا المنحى و استفاقت على صوت نديم هاتفا اتفضلي وصلنا
خطت اعتاب البناية الشاهقة المقابلة للبحر و الهادئة في تلك الفترة من العام حتى تظن انه لا يسكنها مخلوق و ارتعشت عندما أدار نديم المفتاح في موضعه ليهمس لها مشيرا لداخل شقة سمير اتفضلي
دخلت بأرجل مرتجفة و هي لا تعلم الى اى شاطئ مجهول سيرسو بها قارب أيامها
كان التعب قد بلغ منها مبلغا عظيما و هي تضع جسدها على طرف الفراش راغبة ف البقاء ممددة قليلا لعلها تهدئ من ألام ظهرها التي انتابتها جراء ذاك السفر الطويل بالسيارة على الطريق الذي كان في في بعض الأوقات غير ممهد
لكنها لم تشعر الا و هي تنتفض غارقة في هزيانها تلفتت حولها لتتأكد ان ما رأته ما هو الا حلم او بالأحرى كابوس وولى هاربا ما ان فتحت عيونها بانتفاضة و ها هي تنتفض من جديد عندما طالعها ذاك الشبح الأسود قادما اليها من الباب و الذى اخيرا تبينته لتستكين روحها متنهدة لكن ضربات قلبها التي كانت تصم آذانها في تلك اللحظة لازالت على علوها فزعا
دخلت الخالة وسيلة بردائها الأسود الذى ارعبها بعد ذاك الکابوس العجيب لتهتف وهي تتطلع حولها في اضطراب يا بتي ! ايه اللي دخلك الأوضة دي ! ما الأوض عندك كتير
تطلعت اليها دلال في تعجب متسائلة ليه يا خالة ! هي الاوضة دي فيها ايه !
تنبهت الخالة وسيلة أنها افضت بأزيد من المفترض فهتفت متعجلة پصدمة مفيهاش يا بتي هيكون فيها ايه يعني ! هي بس ريحها تجيل و مش هاترتاحي فيها
و مدت كفها لملاءات السرير النظيفة التي كانت قد احضرتها معها و وضعتها جانبا ما ان دخلت الغرفة لتهتف بدلال متعجلة جومي يا داكتورة اختارلك أوضة تريحك تعالي معاي
مدت دلال كفها لحقيبتها تحملها في استكانة طائعة لاوامر المرأة العجوز لتخرج من الغرفة لتضغط المرأة ذر إطفاء النور على عجل و تغلق الباب خلفها وهي تتمتم ببعض الكلمات التي لم تتناهى كاملة الي مسامع دلال و لم تستوضح حروفها للأسف
توقفت المرأة العجوز عند اخر حجرة في الرواق لتفتحها متنهدة في راحة هاتفة الأوضة دى هتعچبك و هتستريحي فيها و كمان طالة على الدار كله و الباب اللي جارها ده باب مكتب عفيف بيه
هتفت دلال بتعجب مكتب !
اكدت الخالة وسيلة في حماس اه معلوم مكتب بياجيه الناس اللي عيشتغل معاهم و يجابلهم فيه و بيدخلوا من هنا هو عمره مدخل حد غريب البيت الكبير الأغراب دايما بيچبهم على هنا طوالي و أكلهم و نومتهم هنا و لما يحب يجابلهم و يتحدتوا ف اشغالهم بيجوه ع المكتب من الباب ده
اصلك النعمانى الكبير كان عايش ف المندرة دي جبل ما يبني البيت الكبير و لما بناه عمل بابين مفتوحين على المندرة باب المكتب ده والباب التانى باب المطبخ تحت يعنى ف اى وجت عايزة تاجينى سهلة اهااا
ابتسمت دلال للمرأة الطيبة التي استشعرت معها حنان امومي افتقدته منذ رحلت أمها عند دنيانا
تذكرت المرأة لما جاءت من الأساس لتهتف و هي ټضرب كفا بكف واااه يا وسيلة كنك كبرتي و خرفتي يا حزينة متأخذنيش يا بتى اني چاية أجولك عفيف بيه مستنيك ع العشا وجالى اجولك اتفضلي
همست دلال و هي تتثاءب في كسل و إرهاق واضح اشكريه يا خالة بس بجد انا مش قادرة انا بس عايزة انام و مليش نفس اكل
هتفت وسيلة في تعجب كيف ده ! تنامي كيف من غير عشا ف البرد ! الچوع يجرصك ف الليل ماتعرفيش تنامى و لا تدفي جومى يا بتى ياللاه همي
تنهدت دلال و هي على يقين انها لن تستطع إقناع الحاجة وسيلة بما ترغب و لن تثنها عن تنفيذ أوامر عفيف بيه
في الإتيان بها و لو محمولة على الأعناق من اجل العشاء المقدس في حضرته
يتبع٣الشبح الأسود
سارت خلف الحاجة وسيلة و كل خلية
من خلاياها تكاد تهتف برغبتها في الراحة و النوم فقد مر على اخر مرة نامت فيها بعمق ما يقارب الثلاث ليال منذ جاءها ترشيح سفرها و هي تدور حول نفسها توترا لتنجز اكبر قدر من أعمالها المؤجلة و تنظيم مواعيدها و حقيبة سفرها قبل الموعد المحدد و أخيرا جاء ذاك الخبر القاصم للظهر بظهور عفيف على عتبة دارها يخبرها بفعلة اخيها لتسرع بالاعتذار عن سفرها لظروف طارئة و تأتي لتلك البلاد البعيدة التي ما وطأتها قدماها من قبل في سبيل إنقاذ ما يمكن إنقاذه مع ذاك الذى يدعوها للعشاء على مائدة داره في تلك اللحظة
وصلت لتلقى التحية في شرود و جلست على طاولة الطعام التي تتسع لعدد كبير من الأفراد و وجدت عليها ما لذ و طاب من أصناف الطعام التي يسيل لها اللعاب لكن هي لا ترى أمامها الان الا دفء الفراش و دثاره
كما ان طعام كهذا كفيل بإصابتها بالعديد من الكوابيس لسوء الهضم و هي
متابعة القراءة